المعهد العربي للطب النبوي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


تعليم منهجي ودراسات وبحوث في الطب النبوي والإعجاز العلمي فيه.
 
الرئيسيةالقرآن الكريمأحدث الصورالتسجيلدخول
أهلا ومرحباً بكم في الموقع الرسمي للمعهد العربي للطب النبوي وعلوم الأعشاب والجمعية الدولية للطب النبوي
هاتف 0096895334471 - 0096895334472 الشيخ أبو الفداء محمد عزت محمد عارف عميد المعهد العربي للطب النبوي, ورئيس الجمعية الدولية للطب النبوي.
يمكنكم الدراسة في المعهد من خلال هذا الموقع, والتواصل بأفكاركم وموضوعاتكم التي تسري الحوار البناء من أجل نشر طب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

 الحســـــــــــد أول ذنب عصي الله به في السماء والارض

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الشيخ محمد الصريدي




عدد المساهمات : 13
تاريخ التسجيل : 22/04/2012
الموقع : 0096899079750

الحســـــــــــد أول ذنب عصي الله به في السماء والارض Empty
مُساهمةموضوع: الحســـــــــــد أول ذنب عصي الله به في السماء والارض   الحســـــــــــد أول ذنب عصي الله به في السماء والارض Icon_minitimeالأحد أبريل 22, 2012 4:39 am

الحـســـد والســـــحر
أول ذنب عصي الله به في السماء الحمد لله رب العالمين ،خرّت لعظمته جباه العابدين ،فطوبى لمن عبد ،واعترفت بوحدانيته قلوب العارفين فويل لمن جحد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،لا راتق لما فتق ،ولا فاتق لما رتق ،ولا رازق لمن حُرم ،ولا حارم لمن رُزق،وأشهد أن محمداً نبي الإسلام،وسيد الأنام ، عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم أفضل الصلاة والسلام.. خصلة من أعظم خصال الشر ،خُلُق ذميم ،مرض خطير ،داء عضال ،مفسد للدين ، مضر بالبدن ،منبع الشرور العظيمة ،مفتاح العواقب الوخيمة ، يورث الحقد والضغينة ،يفكك عرى الاخوة ،يوغر الصدور ،يشعل نار البغضاء ،ويرفع راية العداء ،بين الأقرباء والأصدقاء، ويقود المجتمع إلى الهلاك والدمار ،تقع فيه النفوس وهي تشمئز منه ، ويأسر العقول وهي تستقبحه ،تتسلل إلى القلب بذرته ،فتكبر وتكبر ،حتى تحرق القلب ،وتأكل كل خير في النفس إذا دخل بيتاً خلخل بنائه ،وفرّق أبنائه ،فكم من أسرة كدّر صفوها ، وفرّق جمعها استسلم له أصحاب القلوب المريضة ،والنفوس الضعيفة ،فأقض مضاجعهم ،وأفسد حياتهم ، فتجرعوا الغصص ،وأكلهم الهم والغم ، ولعنهم الله ،وذمهم الناس ،واستحقوا الفضيحة في الآخرة أتدرون ما هو هذا الداء ؟ إنه أول ذنب عُصي الله فيه بالأرض والسماء ، نعـــم إنــــه الحـســـد أول ذنب عصي الله به في السماء حين حسد إبليس آدم فلم يسجد له ، وأول ذنب عصي الله به في الأرض حين حسد ابن آدم أخاه حتى قتله " الحسد أحد أركان الكفر ،فقد قيل أن أركان الكفر أربعة : الكبـــر ، والحسد،والغضب،والشهوة.فالكبر :يمنع الانقياد. والحسد :يمنع قبول النصيحة وبذلها.والغضب :يمنع العدل. والشهوة :تمنع التفرغ للعبادة . الحسد الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ، أو العشب .الحسد حالق الدين ،كما قال المصطفى الأمين e :" دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمُ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَاكُمْ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ " خرّجه الترمذي . الحسد داء الأمم ،كما قال رسول الله e : "إنه سيصيب أمتي داءُ الأمم " قالوا :وما داء الأمم ؟ قال :" الأشرُ والبطرُ ،والتكاثرُ والتنافسُ في الدنيا ،والتباعد والتحاسدُ ، حتى يكون البغي ،ثم الهرجُ " . (قال الحافظ العراقي في الإحياء 3/199 : أخرجه ابن أبي الدنيا،والطبراني في الأوسط بإسناد جيد ) الحسد الذي لم يسلم منه أحد ،سواء كان في العلم بين العلماء ،أو بين التجار في البيع والشراء، أو في المناصب بين أهل الجاه والسلطان ، أو في التنافس والتفوق بين الأقران ، أو في الحظ والجمال بين النساء ، فاتقوا الله عباد الله ،واحذروا أن تكونوا من أعداء نعم الله ،فقد قالe : " إن لنعم الله أعداء " قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال :" الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " خرّجه الطبراني بإسناد حسن .. .. .. والحسد هو :كراهية وصول النعمة إلى الغير، وتمني زوالها عنه . أما إن كنت تتمنى مثلها فقط فهذه هي الغبطة ولا بأس بهذا خاصة إن كانت في الخيرات ،بل إن الله أثنى وحث على هذا فقالإِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ(90)"،وحث على المنافسة فقال : خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ(26) " ،وقال :" سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" ،ومنه قول النبي e :" لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ ،وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا " كما في الصحيحين .وفي لفظ " لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الْحَقِّ فَقَالَ رَجُلٌ لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ " . فلنغبط الناس على مثل هذا ،وفي مثل هذا فليتنافس المتنافسون ،أما التنافس على الدنيا والترف والشهوات فلا فخر ،بل هذا عند العقلاء تقليد وحمق وغباء ،والمصيبة أن يحل محل التنافس :التحاسد ،ويصل لحد البغي والكيد للمحسود ،مر أنس بن مالك رضي الله عنه على ديار خربة خاوية فقال : هذه أهلكها وأهلك أهلها البغي والحسد ،إن الحسد ليطفيء نور الحسنات ،والبغي يصدق ذلك أو يكذبه ،فإذ حسدتم فلا تبغوا . (ت) .... وتنبهوا عباد الله إلى أن الحسد أوله خطرة فإن لم تدفع وتجاهد ،كانت قولاً وهمزاً وغمزاً ،فإن لم تقطع أصبحت فعلاً وبغياً وظلماً ،و قد لا يستطيع بعض الناس بدافع الغيرة أن يدفع ما يجد في نفسه على أخيه ،لكن إياكم أن يَظهر ذلك ،أو أن يصل الحسد للبغي والتعدي والكيد ،قال ابن القيم في أثناء كلامه عن تفسير المعوذتين : " وتأمل تقييده سبحانه شر الحاسد بقوله :" إذا حسد " لأن الرجل قد يكون عنده حسد ،ولكن يخفيه ولا يُرتب عليه أذى بوجه ما ، لا بقلبه ولا بلسانه ولا بيده ، بل يجد في قلبه شيئاً من ذلك ولا يعاجل أخاه إلا بما يحب الله ، فهذا لا يكاد يخلو منه أحد إلا من عصمه الله .." الخ . ومن تأمل حال الناس اليوم وجد أن الحسد قد تعدى مداه ،فكم هي النفوس التي تتنفس الهواء الملوث،وتشرب من المستنقعات الآسنة ،تتشفى ممن أنعم الله عليهم من فضله ورزقه ،بالحقد والحسد ،فنبتت في نفسه نبتة خبيثة ،أثمرت ثماراً بغيضة :كيد وبغي ،ووشاية وظلم ،وتصيدٌ ونميمة، حتى وصل الأمر إلى الاستعانة بالسحرة والمشعوذين ، فكم من نفس تتقطع ألماً من أذى الحاسدين، وكم من بيت تهدّم بكيد الحاسدين ، وكم من صحبة تفرقت بمكر الحاسدين ،وكم صاحب جاه ومنصب أُشغل ببغي الحاسدين ، وكم من امرأة تصطلي بنار الحاسدات ، ولكنا نقول لكل الحاسدين : اعلموا أن الله بكل شيء عليم ، وأن لليل سهام لا تُخطىء ،يَرْفَعُهَا اللهُ فَوْقَ الْغَمَامِ ،وَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ ،وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ : وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِين، اعلموا أن الله أخبرنا بالقرآن فقال :" إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وقال :" وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ"،وقال :" فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ"، فهل بعد هذا يُطلق العنان للقلب ، فيبغض من يشاء ؟‍ ويكيد لمن يشاء ولو بغى جبل يوماً على جبل لدُكَّ منهُ أعَالِيهِ وأسْفَلُهُ فإذا كان الأمر كذلك فلنسأل أنفسنا لماذا كل هذا البغي والحسد ؟‍ وما الدافع لأذية المسلمين ؟ الأسباب كثيرة ، لكن حصرها الإمام الماوردي رحمه الله في أسباب ثلاثة ،خلاصتها فيما يلي بغض للمحسود ،أو عَجْزٌ عن الوصول لما وصل إليه ،أو لفضلِ نعمةٍ أو فضيلةٍ تميز بها المحسود حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداء له وخصوم كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغياً إنه لـدميم أليس هذا فضل الله يؤتيه من يشاء ، " أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ" . أليس هذا اعتراض على الله في قضائه وتقديره ؛ فإن الحسود لا يرضى بقضاء الله عدلاً، ولا لنعمة الله من الناس أهلاً ، لسان حاله يقول :ربنا لقد أسأت التدبير ،وأخطأت التقدير ـ تعالى الله عن هذا علواً كبيراً ـ ،وكفى بذلك إثماً مبيناً ، فهو ساخط لقسمة الله كأنه يقول لربه تعالى عن ذلك: " لم قسمت هكذا ؟ والله عز وجل يقول :" أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ(32)" . وهكذا نجد أن نصوص القرآن والسنة تقرر أن الحسد اعتراض على الله في قضائه ، واتهاماً له في قسمته بين عباده ؛لأن الحاسد يرى أن المحسود غير أهل لما آتاه الله وأن غيره أولى منه .ولله الحكمة في تدبيره ،فهو سبحانه يعطي ويمنع، لحكمة بالغة ، وكأن الحاسد ينكر ذلك . ألا قل لمن كان لي حاسداً أتدري على من أسأت الأدب أسـأت على الله في فعله لأنك لـم ترض لي مـا وهب


وعلاج الحسد بالنسبة للحاسد : "يكون بالرضى بقضاء الله وقدره ،ويأخذ النفس باللوم وقهرها بالندم ، حتى يحب الخير لغيره كما يحب لنفسه ، وليخش لقاء الله وسؤاله بين يديه ، وليحرص على إنجاء نفسه من عذاب الله وقهره ، وليكن دائم الذكر لله حتى يعينه على نفسه ، وليتضرع إليه تعالى بإخلاص وصدق حتى يملأ بالنور قلبه ، ويشرح للخير صدره ، ويخرج من ظلمة الحسد إلى نور حب الخير لكل عباد الله .وعليه أن يحكم نفسه عملياً فلا يقول ولا يفعل شيئاً يؤذي محسوده أو يضره أي ضرر ، فإن لم يستطع فليهجر البيئة التي تغريه بالإيذاء ، والصحبة التي تنفخ في نفسه أسباب الداء ".(السلوك الاجتماعي ص91 لحسن أيوب
والعجب أيها الاخوة :أن الحسد قاتل لصاحبه ،إذ يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل إلى المحسود شيء من بغيه :غم لا ينقطع ،ومصيبة لا يؤجر عليها ،ومذمة لا يحمد عليها ،وسخط الرب سبحانه وتعالى ، وتغلق عليه أبواب التوفيق. ف لله در الحسد ما أعدله بــــدأ بصاحبــــه فقتله قال بكر بن عبد الله : كان رجل يغشى بعض الملوك فيقوم بحذاء الملك ، فيقول : أحسن إلى المحسن بإحسانه ، فإن المسيء سيكفيه إسائته ، فحسده رجل على ذلك المقام والكلام ، فسعى به إلى الملك ، فقال : إن هذا الذي يقوم بحذائك ويقول ما يقول زعم أن الملك أبخر ،فقال له الملك : وكيف يصح ذلك عندي ؟ قال : تدعوه إليك ، فإنه إذا دنا منك وضع يده على أنفه ، لئلا يشم ريح البخر ، فقال له: انصرف حتى أنظر ، فخرج من عند الملك فدعا الرجل إلى منزله ، فأطعمه طعاماً فيه ثوم ، فخرج الرجل من عنده ، وقام بحذاء الملك على عادته ، فقال : أحسن إلى المحسن بإحسانه فوضع يده على فيه مخافة أن يشم الملك منه رائحة الثوم ، فقال الملك في نفسه : ما أرى فلاناً إلا صدق ؟ قال : وكان الملك لا يكتب بخطه إلا بجائزة أو صلة ، فكتب له كتاباً بخطه إلى عامل من عماله : إذا أتاك حامل كتابي هذا فاذبح واسلخه واحش جلده تبناً ، وابعث به إلي ، فأخذ الكتاب وخرج ، فلقيه الرجل الذي سعى به فقال : ما هذا الكتاب ؟ قال خط الملك لي بصلة ، فقال هبه لي فقال : هو لك ، فأخذه ومضى به إلى العامل وقال العامل له : في كتابك أن أذبحك وأسلخك ،قال : إن الكتاب ليس هو لي ، فالله الله في أمري حتى تراجع الملك ، فقال : ليس لكتاب الملك مراجعة ، فذبحه وسلخه وحشا جلده تبناً ، وبعث به ، ثم عاد الرجل إلى الملك كعادته ، وقال مثل قوله ، فعجب الملك وقال : ما فعل الكتاب ؟ فقال : لقيني فلان فاستوهبه مني فوهبته له ، قال له الملك : إنه ذكر لي أنك تزعم أني أبخر ، قال : ما قلت ذلك قال :فلم وضعت يدك على فيك ؟ قال : لأنه أطعمني طعاماً فيه ثوم فكرهت أن تشمه ،قال صدقت ارجع إلى مكانك ، فقد كفى المسيء إساءت اصبر على كيد الحسود فـإن صـبرك قاتله
كالنار تأكل بعــضها إن لـم تجد ما تأكله
قال بعض البلغاء :" الناس حاسد ومحسود ، ولكل نعمة حسود ، وما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحسود ، نَفَسٌ دائم ، وهم لا زم ، وقلب هائم ، لا يُرضيه إلا زوال النعمة عمن حسده ، وذلك بيد الله وحده ". وقال معاوية رضي الله عنه يوصي ابنه : يا بني إياك والحسد فإنه يتبين فيك قبل أن يتبين في عدوك . ومن يتدبر كتاب الله تعالى يجد فيه مصير أهل البغي والحسد ، وعاقبة المتقين من المحسودين وغيرهم ، كما ذكر الله في قصة قابيل وهابيل، وفي قصة يوسف وإخوته عندما حسدوه لفضله فأظهره الله تعالى عليهم ،ويجد كذلك صفات الدعاة المخلصين الصادقين في دعوتهم ؛ من الذين كانت قلوبهم سليمة من الغل والحسد ، كما ذكر الله حال صاحب يس الذي قال بعد أن قتله قومه :" قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ(26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ(27)". وقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ e أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ قَالُوا صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ قَالَ هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ * ألا فاتقوا لله أيها المسلمون واجتنبوا الحسد فإنه يأكل صاحبه ،ولا يجلب منفعة ولا يزيل نعمة ،بل الأمر بيد الله - عز وجل - : لا مانع لما أعطى ،ولا معطي لما منع ،واسألوا الله من فضله ،" وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا(32)" . الحمد لله رب العالمين ،خلق آدم من طين وجعل نسله من سلالة من ماء مهين ،ونفخ فيه من روحه،وأكرمه على خلقه ،أمر ملائكته بالسجود له فحسده على ذلك إبليس اللعين ،وأصلي وأسلم على محمد المبعوث رحمة للعالمين.. أما أنت أيها المحسود :اعلم أن كل ذي نعمة محسود ،وربما كان هذا لخير أراده الله لك ،فكم انقلبت المحنة إلى منحة . وإذا أراد الـله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت ما كان يُعرف فضلُ عَرْفِ العود





عـــــلاج الحسـد والسحر
وإني أدعو كل محسود ومسحور ومعيون ،بل وكل مصاب للاستماع لهذه الكلمات النفيسة على كل اسمع لهذا النفائس والدرر من ابن القيم رحمه يقول : ـ أنقلها لك باختصار ـ يقول : "ويندفع شر الحاسد عن المحسود بعشرة أسباب : أحدها : التعوذ بالله من شره والتحصن به واللجأ إليه . والثاني : تقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه ،فمن اتقى الله تولى الله حفظه ولم يكله إلى غيره، قال تعالى :" وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ وقال النبيe أحفظ الله يحفظك،أحفظ الله تجده تجاهك . السبب الثالث : الصبر على عدوه وأن لا يقاتله ولا يشكوه ولا يحدث نفسه بأذاه أصلاً ، فما نصر أحد على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه والتوكل على الله ، ولا يستطيل تأخيره وبغيه ، فإنه كلما بغي عليه كان بغيه جنداً وقوة للمبغي عليه ..وما من الذنوب ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم وقد سبقت سنة الله أنه لو بغي جبل على جبل جُعل الباغي منهما دكاً .
السبب الرابع : التوكل على الله ، فمن يتوكل على الله فهو حسبه والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم ، فإن الله حسبه ، أي كافيه ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه ، ولا يضره إلا أذى لابد منه كالحر والبرد والجوع والعطش ، وأما أن يضره بما يبلغ منه مراده فلا يكون أبداً ..فلو توكل العبد على الله حق توكله ،وكادته السماوات والأرض ومن فيهن ؛ لجعل له مخرجاً من ذلك وكافأه ونصره .
السبب الخامس : فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه ، أي من الحسد والحاسد ، وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له فلا يلتفت إليه ولا يخافه ، ولا يملأ قلبه بالفكر فيه ، وهذا من أنفع الأدوية ، وأقوى الأسباب المعينة على اندفاع شره ..فلا يخطره بباله ، فإذا خطر بباله بادر إلى محو ذلك الخاطر والاشتغال بما هو أنفع له وأولى به ، بقي الحاسد الباغي يأكل بعضه بعضاً ، فإن الحسد كالنار ، فإذا لم تجد ما تأكله أكل بعضها بعضاً . وهذا باب عظيم النفع ، لا يلقاه إلا أصحاب النفوس الشريفة والهمم العلية .
السبب السادس : وهو الإقبال على الله والإخلاص له ، وجعل محبته وترضّيه والإنابة إليه ،في محل خواطر نفسه وأمانيها ، تدب فهيا دبيب تلك الخواطر شيئاً فشيئاً حتى يقهرها ويغمرها ويذهبها بالكلية ، فتبقى خواطره وهواجسه وأمانيه كلها في محاب الرب والتقرب إليه وتملقه وترضيه واستعطافه وذكره ...
السبب السابع : تجريد التوبة إلى الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه ، فإن الله تعالى يقول :" وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ(30)" وقال لخير الخلق وهم أصحاب نبيه e :" أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(165)" . فما سلط على العبد من يؤذيه إلا بذنب يعلمه أو لا يعلمه ، وما لا يعلمه العبد من ذنوب أضعاف ما يعلمه منها ، وما ينساه مما علمه وعمله أضعاف ما يذكره ، فليس للعبد إذا بغي عليه وأوذي وتسلط عليه خصومه شيء أنفع له من التوبة النصوح ، وعلامة سعادته أن يعكس فكره ونظره على نفسه وذنوبه وعيوبه فيشتغل بها وبإصلاحها بالتوبة منها ، فلا يبقى فيه فراغ لتدبر ما نزل به بل يتولى هو التوبة وإصلاح عيوبه ، والله يتولى نصرته وحفظه والدفع عنه ولا بد ، فما أسعده من عبد وما أبركها من نازلة نزلت به ، وما أحسن أثرها عليه ، ولكن التوفيق والرشد بيد الله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع
السبب الثامن : الصدقة والتوبة ما أمكنه ، فإن لذلك تأثيراً عجيباً في دفع البلاء، ودفع العين وشر الحاسد ، ولو لم يكن في هذا إلا تجارب الأمم قديماً وحديثاً لكفى به ، فما يكاد العين والحسد والأذى يتسلط على محسن متصدق ، وإن أصابه شيء من ذلك ، إلا كان معاملاً فيه باللطف والمعونة والتأييد ، وكانت له فيه العاقبة الحميدة . فالمحسن المتصدق في خفارة إحسانه وصدقته ، عليه من الله جنة واقية ، وحصن حصين ، وبالجملة فالشكر حارس النعمة من كل ما يكون سبباً لزوالها ، ومن أقوى الأسباب حسد الحاسد والعائن ، فإنه لا يفتر ولا يني ولا يبرد قلبه حتى تزول النعمة عن المحسود ، فحينئذ يبرد أنينه وتنطفي ناره لا أطفأها الله ، فما حرس العبد نعمة الله عليه بمثل شكرها ، ولا عرضها للزوال بمثل العمل فيها بمعاصي الله ، وهو كفران النعمة ، وهو باب إلى كفران المنعم ، فالمحسن المتصدق يستخدم جنداً وعسكراً يقاتلون عنه وهو نائم على فراشه فمن لم يكن له جند ولا عسكر ،وله عدو ،فإنه يوشك أن يظفر به عدوه وإن تأخرت مدة الظفر والله المستعان .
السبب التاسع :وهو من أصعب الأسباب على النفس وأشقها عليها ولا يوفق له إلا من عَظُمَ حظه من الله ، وهو طفئ نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه ، فكلما ازداد أذى وشراً وبغياً وحسداً ،ازددت إليه إحساناً وله نصيحة وعليه شفقة ، وما أظنك تصدق بأن هذا يكون ، فضلا على أن تتعاطاه ، فاسمع الآن قوله عز وجل وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ(34)وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ(35)وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(36)" . وقال : " أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(54)" . وتأمل حال ذلك النبيe الذي ضربه قومه حتى أدموه ،فجعل يسلت الدم عنه ويقول :" اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " كيف جمع في هذه الكلمات أربع مقامات من الإحسان ،قابل بها إساءتهم العظيمة إليه : أحدها:عفوه عنهم ، والثاني: استغفاره لهم ، والثالث: اعتذاره عنهم بأنهم لا يعلمون ، والرابع : استعطافه لهم بإضافتهم إليه فقال : اغفر لقومي ".
السبب العاشر : وهو الجامع لذلك كله ، وعليه مدار هذه الأسباب وهو تجريد التوحيد والترحل بالفكر في الأسباب ،إلى المسبب العزيز الحكيم ،والعلم بأن هذه آلات بمنزلة حركات الرياح ، وهي بيد محركها وفاطرها وبارئها ولا تضر ولا تنفع إلا بإذنه ، فهو الذي يحصن عبده بها ، وهو الذي يصرفها عنه وحده لا أحد سواه ، قال تعالى :" وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(107) " وقال النبي e لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما :" واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله عليك " فإذا جرد العبد التوحيد فقد خرج من قلبه خوف ما سواه ،وكان عدوه أهون عليه من أن يخافه مع الله .فالتوحيد حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين ، قال بعض السلف : من خاف الله خافه كل شيء ومن لم يخف الله أخافه من كل شيء .فهذه عشرة أسباب يندفع بها شر الحاسد والعائن والساحر وليس له أنفع من التوجه إلى الله وإقباله عليه ، وتوكله عليه وثقته به ، وأن لا يخاف معه غيره ، بل يكون خوف منه وحده ولا يرجو سواه ،بل يرجوه وحده ، فلا يُعلِّق قلبه بغيره ، ولا يستغيث بسواه ،ولا يرجو إلا إياه ، ومتى علق قلبه بغيره ورجاه وخافه ؛ وُكِلَ إليه وخُذِلَ من جهته ،وَحُرِمَ خيره ، هذه سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلاً .اللهم بك آمنا ،وعليك توكلنا ، أنت خيرٌ حافظاً وأنت أرحم ألراحمين ،نعوذ بك من شر حاسد إذا حاسد ، ومن شر النفاثات في العقد ،أنت ناصرنا وأنت عضدنا ،بك نصول وبك نجول وبك نقاتل ،أحفظنا بحفظك ،وقنا برحمتك ،واصرف عنا شر ما قضيت ، اللهم واكشف الغمة ، اللهم أصلح القلوب ،واغفر الذنوب،واستر العيوب،واقبل توبة من يتوب ، ، اللهم اشف مرضانا وجميع مرضى المسلمين ، وارفع عنهم البلاء برحمتك يا أرحم الراحمين،وصلوا وسلموا على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين،

منقوللللللللللللللللللللللللللللللللللللل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحســـــــــــد أول ذنب عصي الله به في السماء والارض
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ما خلق الله من داء إلا وجعل له شفاء
» روائع الطب النبوى تجدها هنا نسأل الله العافية
» تهنئة للموقع الجديد ووفقنا الله وإياكم (صفا محمد عزت)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المعهد العربي للطب النبوي :: المعهد العربي للطب النبوي :: موضوعات عامة في الطب النبوي-
انتقل الى: